rbeh 50 euro

lundi 5 janvier 2015

تاريخ التكتيك في كرة القدم

في البداية لم تكن لكرة القدم قواعد محددة يلتزم بها الجميع ، لذلك فإنه لا معنى للحديث عن التكتيك في
المراحل الأولى من عمر كرة القدم ، وكذلك عن الروح الجماعية ، من كانت تصله الكرة كان ينطلق بها
بمفرده متجهاً إلى مرمى الخصم ويستمر في ذلك ما دامت قوته البدنية تساعده .
في هذا الشكل الأول لكرة القدم لم يكن للاعبين انتشار محدد في الملعب ، الوحيد الذي كان له مركز معين
في الملعب هو حارس المرمى ، الوحيد الذي يمكنه لمس الكرة بيده ، وكانت له ميزاته الخاصة .
في مرحلة لاحقة بعد تأسيس اتحاد الكرة الإنجليزي عام 1863 ، وضعت بعض المعايير الأساسية لتمييز كرة
القدم عن الرغبي ( الكرة الأمريكية ) وصار أمام حارس المرمى لاعبان في الدفاع ، بينما الثمانية الآخرون
يلعبون في الهجوم .

باستخدام الصيغ الرقمية المستخدمة اليوم في تصنيف الرسوم التكتيكية ، فنحن نتحدث عن طريقة 1-1-8
وإذا اعتبرنا أن الرسم التكتيكي الأكثر شيوعاً اليوم هو 4-4-2 ، فإننا نستنتج أنه منذ البدايات حتى اليوم
تطورت كرة القدم حصراً في الدفاع ، وذلك بتقليل عدد المهاجمين وزيادة عدد المدافعين .
ثم جاء الاسكتلنديون الذين كانوا في نهاية القرن التاسع عشر يتميزون بلعب كرة القدم بطريقة أكثر تطوراً
وأفضل تنظيماً ، وكانوا أول من وضع رسماً تكتيكياً واضحاً ، وكان ذلك بمضاعفة عدد اللاعبين المدافعين
أمام المرمى ، وهنا ظهر الرسم التكتيكي 2-2-6 : بوجود خطي دفاع ثنائيين أحدهما أمام الآخر ، للتصدي
لمهاجمي الخصم .
في تلك الفترة أقيمت أول مباراة دولية في التاريخ ، أقيمت في العاصمة الاسكتلندية غلاسغو في الثلاثين من
نوفمبر ( تشرين الثاني ) بين المنتخب الاسكتلندي الذي لعب بطريقته 2-2-6 والمنتخب الإنجليزي الذي لعب
بطريقة 1-1-8 ، وانتهت تلك المباراة بالتعادل دون أهداف رغم أن طريقتي اللعب لكلي المنتخبين كانتا
هجوميتين ، ومن ذلك اليوم أصبح واضحاً أن الفعالية الهجومية لا تعتمد على عدد المهاجمين ، بل على
التوظيف الصحيح لهم .
1872 - المباراة الدولية الاولى : انكلترا 0 - اسكولتلندا 0
هذه الحقبة من تاريخ كرة القدم سميت عصر ( اركل واركض ) ، تسمية تعبر عن لعب عشوائي وعفوي
تماماً ، يعتمد كلياً على فرديات اللاعبين ، دون أدنى ترابط بين خطوط الفريق ، فعلى سبيل المثال :
المدافعون كانوا يشتتون الكرة لإيصالها إلى أبعد مكان ممكن عن المرمى ، دون الالتفات إلى فكرة إيصالها
إلى زملائهم في الهجوم .
في إنجلترا ، هذه المرحلة التي تميزت باللعب الفردي البحت سميت بلعبة المراوغة ، بعد ذلك انتقلت كرة
القدم - مرة أخرى بفضل الاسكتلنديين - إلى عصر ما سمي بلعبة التمرير ، حيث كان اللعب يبنى بتناقل الكرة
بين الزملاء في الفريق الواحد ، وبلعبة التمرير بدأت كرة القدم ثورتها الطويلة في التكتيك .

هرم كامبريدج

تطور خطط كرة القدم صار أسهل بسبب أن كرة القدم في أواخر القرن التاسع عشر كانت تقام في جو
أكاديمي : حدث تنافسي ، وفي الحقيقة أصبحت موضع اهتمام ودراسة نظراً لصقلها وتطورها المتواصل .
كلية كامبريدج - وهي إحد أكثر الكليات رقياً في إنجلترا - ابتكرت رسماً تكتيكياً ظل أساسية في تاريخ كرة
القدم وإليه تعزى ( ترجع ) جميع الخطط الحديثة .
لعبة التمرير - كما رأينا - أدخلت مفهوم التعاون بين الزملاء و خطوط اللعب في الفريق الواحد ، لتحقيق
توظيف أكثر فاعلية للاعبين في الملعب .
كلية كامبريدج اعتمدت رسماً تكتيكياً يشبه الهرم : أمام حارس المرمى لاعبان ( مدافعان ) ، أمامهما
بقليل خط آخر مكون من ثلاثة لاعبين كانوا يسمَّوْن ( أنصاف المدافعين ) بعد ذلك صار اسمهم ( الأنصاف )
كانت مهمتهم نقل الكرة من المدافعين إلى المهاجمين ، وخط الهجوم كان مكوناً من خمسة لاعبين منتشرين
بعرض الملعب .
عند وصول هذا الهرم ( 2-3-5 ) إلى إيطاليا ، ظهرت تسميات أخرى ما تزال تستخدم حتى الآن في إيطاليا :
خط الهجوم كان يسمى الخط الأول ( prima linea ) والخط الوسط كان يسمى الخط المتوسط ( linea
Mediana ) ، وخط الدفاع sld الخط الثالث ( terza lina ) ولذلك يسمى المدافع بالإيطالية ( terzino )
هذا التوزيع للاعبين : حارس ومدافعان وثلاثة لاعبي وسط وخمسة مهاجمين ، ظهر في شكل هرم مقلوب
وانتشر في أوروبا كلها وعرف باسم الهرم .
هرم كامبريدج
هذا الهرم يعتبر طريقة لعب كاملة ، لكنه مع ذلك يفتقر إلى عنصر واحد : المراقبة ،
وهي تكليف مدافع معين بمراقبة مهاجم معين من الفريق الخصم ،
ولذلك فإنه يمكن اعتبار أن هرم كامبريدج هو الجذر لخطة المنطقة ( Zona ) - أو دفاع المنطقة - .
وأنه من هذا الهرم تم اشتقاق الخطتين :
الطريقة ( Metodo ) والنظام ( Sistema ) اللتين انتشرتا كثيراً بين الحربين العالميتين .

1894 - فريق جامعة كامبريدجخطة الطريقة ( metodo ) وقلب الوسط

واضح أنها مشتقة من الهرم ، الطريقة سميت كذلك بخطة W ، لأنه انتشار اللاعبين في الملعب كان على
شكل حرفي W متتابعين ( واحد أمام الآخر ) ، وكما في الهرم : أمام الحارس يوجد مدافعان مهمتهما تغطية
منطقة الجزاء دون تكليفها بمراقبة لاعبين معينين من الخصم ، التعديل كانعلى خط الوسط : وذلك بابتعاد
اللاعبين الطرفيين أكثر على طرفي الملعب ، حيث كانت مهمتهما مراقبة الجناحين الهجوميين للفريق الخصم
بينما أصبح لاعب الوسط المركزي ( الذي سمي قلب الوسط ) الشخصية البارزة للفريق .
هرم كامبريدج
قلب الوسط كان متراجعاً بالمقارنة مع لاعبي الوسط الطرفيين ، كانت له مهمة مزدوجة : اعتراض لاعبي
وسط الخصم ، ونقل جهة اللعب بتمريرات دقيقة وقوية ، تمريراته كانت تصل إلى نصفي الجناحين
( Mezzali ) الذين كانا يحولان الكرة إلى الجناحين الهجوميين اللذين كانا يلعبان الكرات العرضية إلى
رأس الحربة .
قلب الوسط هو العلامة المميزة لخطة الطريقة ، وظائف قلب الوسط يقوم بها اليوم المدافع الحر ( Libero)
و صانع اللعب المتأخر ( Regista ) في وسط الملعب ، باختصار : قلب الوسط كان رجل الفريق .
مقارنة بالهرم ، لم يكن المهاجمون الخمسة متمركزين على خط واحد : المهاجمان القريبان من رأس الحربة
( نصفا الجناحين ) كانا متأخرين عن رأس الحربة والجناحين ، وهكذا تغير الرسم التكتيكي من الهرم
( 2-3-5 ) إلى 2-3-2-3 ، وهذا الرسم التكتيكي حقق التوازن العددي المثالي بين لاعبي الدفاع ولاعبي الهجوم .
هذه الخطة استخدمتها المدرسة الدانوبية بكثرة ، وأكثر الفرق استخداماً لها كان فريق فوندرتيم النمساوي .
وبهذه الخطة كذلك حققت إيطاليا بقيادة المدرب فيتوريو بوتزو لقبين متتاليين في كأس العالم عامي 1934
و 1938 ، وبينهما ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية عام 1936 .
لكن يجب الإشارة إلى أن إيطاليا طبقت هذه الخطة بطريقتها الخاصة ، وذلك بتعزيز الدفاع واللعب بطريقة
دفاعية والاعتماد على الهجمات المرتدة كسلاح فعال جداً في الحالة الهجومية : إجبار الخصم على الهجوم
الجماعي ، وذلك لاستغلال المساحات التي يتركها خالية في الخلف وضربه بالهجمات المرتدة المفاجئة .
فريق الواندرتيم النمساوي الخاص ب هوجو ميسل

خطة " النظام " الإنجليزية ، أو ما يعرف بـ WM ( il sistema )

خطة الطريقة ( metodo ) كانت الحل المثالي لأسلوب اللعب المهاري ، القائم على القدرة على المراوغة وتناقل
الكرة بالتمريرات الطويلة ، وهذا لم يكن مناسباً للكرة الإنجليزية القائمة في أساسها على القوة البدنية
والسرعة والشراسة والانزلاقات الخشنة والاحتكاك البدني الخشن مع الخصم في المواجهات الفردية ( واحد
ضد واحد ) لافتكاك الكرة منه ، ولهذا كانت هناك حاجة للبحث عن أسلوب لعب أكثر ملائمة لهذه الخصائص.
جاءت الفرصة عند تغيير قانون التسلل عام من قبل الهيئة المسؤولة عن القوانين العالمية لكرة القدم ( IFAB )
حتى ذلك الوقت كان المهاجم المتقدم يعتبر في وضع قانوني غير متسلل إذا كان بينه وبين المرمى لحظة
تمرير الكرة إليه ثلاثة لاعبين من الخصم على الأقل ( ويمكن أن يكون الحارس أحدهم ) .
هذا القانون يعتبر عقوبة على اللعب الهجومي ، فيكفي أن يتقدم أحد المدافعين ويترك لزميله الآخر مهمة
حماية منطقة الجزاء ، وهكذا يكون المهاجم في موقع غير قانوني ( متسللاً ) ، ونتيجة لذلك ظهر الميول إلى
إبقاء رأس الحربة متراجعاً إلى الخلف ، وأعطاء دور إنهاء الهجمات ( التسديد على المرمى ) لقلبي الهجوم
( نصفي الجناحين ) المنطلقين من الخلف ، حيث أنه يمكنهما الوصول إلى المرمى دون الوقوع في التسلل .
عام 1925 قررت الهيئة المسؤولة عن القوانين العالمية لكرة القدم ( IFAB ) تقليص عدد اللاعبين اللازم
لكسر التسلل إلى لاعبين اثنين ( أحدهما الحارس ) بين المهاجم والمرمى حتى يكون المهاجم في موقع
شرعي ( غير متسلل ) عند تمرير الكرة إليه ، بالإضافة إلى قرار آخر وهو أن اللاعب لا يعتبر متسللاً في
نصف ملعب فريقه في أي حال .
هذا التعديل كان له الفضل في عودة الكرة الهجومية عينت إدارة أرسنال هيربيرت تشابمان - الذي كان لاعباً
متواضعاً لكنه كان مخططاً كبيراً -، مدرباً للفريق لإنقاذ النادي من وضعه المتدهور .
ابتكر تشابمان تكتيكاً جديداً وسمي باسمه ( نظام تشابمان ) لكنه كان معروفاً باختصار ( النظام ) .
في هذه الخطة بقي قلب الوسط هو الجزء الأهم في الفريق ( مفتاح اللعب ) ، لكنه - مقارنة بخطة الطريقة -
أعيد إلى الخلف : إلى خط الدفاع ، وابتعد المدافعان أكثر إلى الطرفين ، وهكذا ظهر الدفاع الثلاثي أول مرة
لاعب الارتكاز ( قلب الوسط ) أعيد إلى الخط الدفاعي ، وصارت مهمته مراقبة رأس الحربة من الفريق
الخصم ( رجلاً لرجل كما يقال اليوم ) ، وهكذا ظهر دور المدافع المراقب ( المساك ) .
لاعبا الوسط الآخران تقدما إلى الأمام أكثر وشكلا رباعياً في الوسط مع المهاجمين المحوريين ( نصفي
الجناحين ) بينما بقي الجناحان مع رأس الحربة في ثلاثي الهجوم .
مقارنة بخطة الطريقة ( 2-3-2-3 ) ، فإن نظام تشابمان كان بالرسم التكتيكي 3-2-3-2 ، وعند رسم هذا
الانتشار ، فإنه لا يظهر في شكل حرفي W ، بل في شكل حرف W وحرف M ، ولهذا عرف هذا التكتيك
باسم WM ، وبهذا الاسم انتشر هذا النظام الإنجليزي في العالم كله .
الفروق بين خطتي الطريقة والنظام لم تكن كبيرة في الظاهر ، لكن في الواقع لم يكن التغيير مجرد تعديل
في مواقع اللاعبين على أرض الملعب ، بل كان في فلسفة اللعب كاملة ، الرقابة أصبحت فردية وشديدة
وأحياناً خانقة ، وتجزأت المباراة إلى سلسلة من المواجهات الفردية بين اللاعبين ( واحد ضد واحد )
وهذا التجزؤ جعل كرة القدم أكثر شراسة ، وأقل متعة ومهارة ، وأكثر اعتماداً على السرعة والقوة البدنية .
نجاح خطة النظام في إنجلترا كان فورياً ، وذلك لأن أرسنال بقيادة تشابمان خرج من أزمة طويلة وحقق
سلسلة من الانتصارات : وفاز بكأس إنجلترا وثلاث مرات بلقب الدوري الإنجليزي في خمسة أعوام .
هذه النتائج الإيجابية دفعت فرقاً أخرى - كما هي العادة - إلى استخدام هذا الأسلوب : جميع الفرق الإنجليزية
تحولت بسرعة إلى استخدام النظام ، وحتى في ألمانيا كان النجاح ملحوظاً ، فتحت قيادة المدرب أوتو نيرتز
كانت ألمانيا المنتخب الوحيد الذي استخدم هذا النظام في كأس العالم عام 1934 الذي فازت به إيطاليا
وحققت ألمانيا المركز الثالث في تلك النسخة ، أوروبا الوسطى ( خاصة المنطقة الدانوبية ) انتشر فيها هذا
النظام ، أما في إيطاليا فقد كان انتشاره بطيئاً .
في البطولة الإيطالية كان جنوا أول فريق استخدم هذا النظام الإنجليزي في النصف الثاني من الثلاثينات
لكنها لم يستفد منه بسبب وجود تورينو الذي حقق سلسلة من الانتصارات وكان مسيطراً وكان يفوز ضد
أي فريق وضد أي تكتيك ، وحقق أول لقب له في الدوري الإيطالي بقيادة مدرب إيطالي بعد الحرب العالمية الثانية .
آخر الفرق الإيطالية تركاً لخطة الطريقة ( metodo ) كان بولونيا ، واستسلم المدرب فيتوريو بوتزو
للواقع الجديد وطبق هذا النظام مع المنتخب الإيطالي ، لكنه واجه صعوبات لم تكن القليلة .
خمسة لاعبين من آرسنال كانوا تحت قيادة المدرب تشابمان و هم : ولف كوبينج , ايدي هابجود ,
فرانك موس , راي بودين و كليف باستين .

نصف النظام , فيانيما و الكاتاناشيو

مقارنة بين مختلف الخطط التي استخدمها المدربون الايطاليون في تلك الفترة
كما توقع بوتزو ، وكما ثبت بعد إقالته من تدريب المنتخب الإيطالي ، فإن خطة النظام لم تكن مناسبة للكرة
الإيطالية عكس ما كان بالنسبة للإنجليز .
الانتقال إلى الأسلوب التكتيكي الجديد لم يكن كاملاً ، وهكذا بدأت المحاولات لإدخال تعديلات وتصحيحات على
الخطة الأصلية للنظام ، وفي عام 1944 فاز فريق من رجال الإطفاء سبيزيا بلقب الدوري - الذي لم يكن
معترفاً به في ذلك العام - تحت قيادة المدرب باربييري الذي كان لاعباً سابقاً لجنوى (الذي كان أول من طبق
النظام في إيطاليا ) ، واستخدم باربييري خطة هجينة بين الطريقة ( metodo ) والنظام ( sistema )
وهذه الخطة عرفت باسم نصف النظام ( mezzo sistema ) .
خطة مماثلة لهذه استخدمها فريق مودينا في موسم 1946-1947 ، حيث كان ريمونديني مدافعاً مكلفاً
بمراقبة رأس حربة الفريق الخصم ، والمدافع الآخر كان براليا ، ولم يكن مكلفاً بمراقبة لاعب معين ، وكان
حراً ومستعداً للتدخل عند اللزوم ، في ذلك الموسم حقق مودينا المركز الثاني بعد تورينو الذي لا يهزم ،
وكانت تلك أفضل نتيجة لمودينا في تاريخه .
مودينا 1946 - 1947
المدرب نيريو روكو عندما كان مدربا لساليرنيتانا ، كان سلاحه الأول العمل على إيجاد تكتيك دفاعي ،
وأنقص عدد المهاجمين لتقوية الدفاع لمواجهة الفرق القوية التي تستطيع التعاقد مع أفضل المهاجمين ( حتى
الأجانب ) والخروج أمامها بأقل الأضرار .
البديل الأشهر والأبرع لخطة النظام ما يزال مرتبطاً باسم مخترعه الذي أوصل ساليرنيتانا إلى الدرجة الأولى
عام 1947 ، المدرب جيبو فياني .
أدرك فياني أن لاعبيه أضعف من أن ينجحوا في المراقبة الفردية ( واحد ضد واحد ) أمام الخصوم الأقوياء
ولهذا اخترع " خدعة " بسيطة وفعالة : حيث وضع في مركز رأس الحربة لاعباً لم يكن مهاجماً إلا بالاسم !
بل كان في الواقع لاعباً بخصائص دفاعية .
عند بداية المباراة يتراجع هذا اللاعب إلى الخلف ، وهكذا يتحرر قلب الوسط من مركزه ويعود إلى الخلف
ويصير خلف بقية زملائه ( كأنه آخر مدافع ) وهكذا صار في مكان يسمح له بالانتقال إلى أي مكان في
الملعب تظهر فيه مساحة يمكن أن يستغلها الخصم ، ومكنته من تصحيح أخطاء زملائه أو التدخل إذا تمكن
مهاجم الخصم من مراوغة زميله .
طريقة اللعب هذه التي تقوي الدفاع وتضعف الهجوم تسمى " فيامنيا " ، وهي مشتقة من خطة " فيرو "
( فيرو بالفرنسية تعني القفل ) ، التي ابتكرها المدرب النمساوي كارل رابان وطبقها مع المنتخب السويسري
في كأس العالم 1938 ، وخطة " فيانيما " تعتبر نوعاً ما نسخة مبكرة للكاتيناتشيو الذي صار فيما بعد رمزاً
لقبح الكرة الإيطالية ، مع نظرة احتقارية كان يجب أن يعاد النظر فيها ؛ فعندما طبقت الفرق الكبيرة هذا
الأسلوب ، أثبت الكاتيناتشيو أنه تكتيك فعال جداً ، حيث أنه مكن إنتر الذي دربه فوني من الفوز بالدوري
الإيطالي مرتين متتاليتين عامي 1953 و 1954 : النقلة النوعية كانت عودة الجناح الأيمن أرمانو في
الحالة الدفاعية ليأخذ مكان الظهير بلازون الذي كان يتراجع ويتمركز خلف بقية المدافعين المكلفين بالمراقبة
الفردية ، حيث كان يؤدي دور القشاش ( منظف منطقة الجزاء ) .
عندما يمتلك لاعبو إنتر الكرة كانوا يعودون إلى مراكزهم الأصلية ، وهكذا تمكنوا من تقوية دفاعهم دون
أن تتأثر القوة الهجومية للفريق عندما يحققون الأسبقية في التسجيل .
وكالعادة ، فإن التكتيك يكون أكثر فاعلية كلما كان تطبيقه أدق ، وبوجود مهاجمين استثنائيين مثل لورينزي
و نييرس و سكوغلاند ، كان إنتر يستطيع تركهم وحدهم في الهجوم دون مساندة حتى عندما يكون التفوق
العددي للخصم أمامهم .
وهنا يجب الإشارة إلى أن بلازون كان أحد لاعبي ترييستينا الذي دربه روكو ، الذي ذكرنا أنه أحد أول الفرق
التي لعبت بطريقة نصف النظام .
الانتر بقيادة مدربه فوني الذي حصد السكوديتو مرتين خلال عامي 1953 و 1954

أمريكا الجنوبية / من الخط المائل الى 4 2 4

حتى في مدرسة أمريكا الجنوبية التي اعتبرت أوروبا قائدة للعالم ، فكرت في إيجاد طريقة لعب منظمة
وواقعية ، البرازيل والأرجنتين فضلت الاعتماد على المهارات الفردية لنجومهما ( وهذا أوقع البرازيل في
الفوضى كثيراً ) ، أما أوروغواي فقد أسست نفسها كروياً باتباع تنظيم دقيق جداً عالج الدفاع .
ومتأثرة بالطريقة المستخدمة في العشرينات والثلاثينات ، ابتكرت أسلوب لعب سمي باسم " إل أبانيكو "
وهي كلمة إسبانية تعني المروحة ، وفي هذا الرسم التكتيكي يكون رأس الحربة متراجعاً إلى الخلف .
هذا التوزيع للاعبين ( الذي هو نفسه في الخطة المائلة ) استخدمه في السنوات الأولى بعد الحرب العالمية
فريقان برازيليان من مدينة ريو دي جانيرو : فلامنغو وفلومينينزي .
الخطة المائلة مشتقة من خطة النظام الإنجليزية ، لكن مع تركيز خاص على الأطراف ، حيث كان المدافع
الطرفي والجناح يتقدمان جنباً إلى جنب ، وبعدها يقطعان وسط الملعب بشكل مائل ، ومن هنا جاءت التسمية
هنا يعتبر لاعب الوسط رقم 5 الحجر الأساسي للفريق حيث يعمل بتناسق مع رأس الحربة المتأخر عن بقية
زملائه في خط الهجوم .

الخطة المائلة

أحد أبرز من الادوار كان دور المهاجم المتأخر مع البرازيل الذي جسده إديمير هداف كأس العالم 1950 على الرغم
من خسارتها لنهائي كاس العالم أمام منتخب أوروغواي الذي كان يلعب بأسلوب قريب من الكاتيناتشيو الأوروبي .
خطة نهائي كاس العالم 1950 البرازيل 1 اوروغواي 2
رأس الحربة المتراجع ( أو المتأخر ) كان علامة مميزة لأقوى المنتخبات في الخمسينات و من ضمنها كان المنتخب
الهنغاري القوي ، الذي بفضل امتلاكه نجوماً كباراً استطاع ابتكار تكتيك غير تقليدي : ثلاثة مدافعين على خط
واحد كما في خطة النظام الإنجليزية ، لاعبا وسط للتنظيف وصناعة اللعب ، والمهاجم المتأخر هيديغكوتي
مع جناحين على خط واحد ، والمهاجمان المتقدمان كانا كوتشيش وبوشكاش .
مقارنة بخطة النظام الكلاسيكية ، فإن هذا التكتيك كان برسم 3-2-3-2 ، ( أو MM ) .
الثورة التكتيكية الحقيقية كانت في أمريكا الجنوبية ، وبدأت في البرازيل على يد المدرب إيطالي الأصل
فيسينتي فيولا .
وبينما كانت أوروبا كلها - متأثرة بالأسلوب الإيطالي - تلعب بمدافع بقلب وسط ثابت مع خط الدفاع ، قدمت
البرازيل تكتيكاً جديداً بثلاثة خطوط متوازية : بأربعة مدافعين ( قلبي دفاع وظهيرين ) ، ولاعبي وسط :
أحدهما مهمته مساعدة الدفاع ، والآخر مهمته صناعة اللعب ( الأسطورة ديدي أدى هذا الدور ) ، وأربعة مهاجمين .
الرسم التكتيكي 4-2-4 يمكن اعتباره الجذر الذي اشتقت منه جميع التكتيكات المعاصرة ، لأنه بالتعديل عليه
دفاعياً ظهر الرسم التكتيكي 4-3-3 ( بسحب أحد الجناحين من خط الهجوم وإرجاعه إلى خط الوسط )
وكذلك الرسم التكتيكي 4-4-2 الحالي ، حيث يكون خط الدفاع وخط الوسط متماثلين بلاعبين على الطرفين
ولاعبين في الوسط ، بتقليص عدد المهاجمين إلى اثنين يتحركان في الخط الأمامي بأكمله لفتح المساحات
لزملائهم القادمين من الخلف .
بتعبير آخر ، هذه هي خطة المنطقة ( zona ) المناقضة للأسلوب الإيطالي الذي كان يعتمد على المراقبة
الفردية ووجود لاعب ثابت خلف المدافعين .
عام 1958 - البرازيل بتواجد بيليه و التي كان يُدربها دي فيولا الذي إخترع خطة 4 2 4

الكرة الشاملة الهولندية

خطة 4-2-4 البرازيلية ومشتقاتها كان تطبيقها صعباً في أوروبا ، حيث كانت تطبق الكرة الأكثر واقعية
على الطريقة الإيطالية ، وذلك بسبب نجاحات إنتر هيريرا في الستينات ، لذلك فإن أي تغيير كان يحتاج إلى
ثورة كبيرة في التكتيك .
في أوائل السبعينات ، هولندا ( التي كانت قبل ذلك بعيدة عن دول النخبة في كرة القدم ) عبر أنديتها
- وخصوصاً أياكس - ومنتخبها ، وكذلك بفضل قدرات نجومها القادرين على تطبيق أي تكتيك ، تمكنت
من كسر أساس جميع الخطط التي كانت تعتمد على المركزية في مراكز الاعبين في تلك الفترة .
الكرة الشاملة الخاصة بالمدرب رينيس ميخيلز أوجدت إمكانية تامة لتبادل المراكز بين اللاعبين في الملعب
في المباراة الواحدة ، حتى حارس المرمى كان يمكنه أن يخرج من منطقة الجزاء ويشارك في الهجوم
وبناء اللعب .
الكرة الشاملة الهولندية
لقد كانت ثورة ثقافية قبل أن تكون تدريبية ، المدافعون كانوا يتقدمون ويساندون المهاجمين ، والمهاجمون
كانوا يعودون لتغطية مناطقهم الدفاعية ، و لذلك تغير اللاعب " المتخصص " الى اللاعب " الشامل "
الأسطورة يوهان كرويف صار رمزاً للكرة الحديثة .
مقارنة بالخطة الأصلية ، لم يكن الرسم التكتيكي لمنتخب هولندا مختلفاً عن 4-3-3 ، لكن الفرق كان في
تغيير المراكز على الملعب ، وفي الإيقاع السريع جداً للعب ، وفي الأساليب الجديدة مثل نصب مصيدة التسلل
بتقدم جميع المدافعين لإيقاع مهاجمي الخصم في موقع غير قانوني ، والضغط على حامل الكرة ، حيث كان
حامل الكرة من الفريق الخصم يجد نفسه تحت ضغط لاعبين أو ثلاثة لاعبين في نفس الوقت .
الكرة الهولندية الشاملة بدت في ذلك الوقت كالحل المثالي ، لكن هذه الطريقة - كما هو الحال بالنسبة لبقية
الطرق - تعتمد كثيراً على قدرة اللاعبين على تطبيقها ، فشلت تقريباً كل المحاولات لتطبيق الكرة الشاملة
حتى الجيل التالي لهولندا نفسها لم يستطع تحقيق نفس النجاحات بهذه الخطة .
1974 - يوهان كرويف و نيسينكس , الثنائي الذي قاد كرة القدم الشاملة في هولندا
في أواخر الثمانينات ، فريق إيطالي واحد : ميلان ساكي ، وليس من باب الصدفة بوجود ثلاثة أساطير
هولندية : ريكارد وخوليت وفان باستن ، تمكن من إيجاد طريقة واقعية لتطبيق الكرة الشاملة من جديد .
ذلك الميلان فاز في الخارج أكثر مما فاز في إيطاليا ، وكان يعتبر في العالم كله رمزاً لكرة القدم الاستعراضية
الجميلة قائماً على المساهمة الجماعية التي ذابت واجتمعت فيها القدرات الفردية للاعبين .
ميلان بتواجد الاساطير الهولندية ريكارد , خوليت و فان باستن
تاريخ ثورة التكتيك الكروي حدث بفعل التغييرات والتعديلات المستمرة ، بعد الثورة الهولندية جاءت مراحل
من الاسترجاع والعودة إلى القديم ، بعودة المراقبة الفردية واللعب بمدافع حر ( ليبرو) متمركز في الخط الخلفي .
أحد أكثر الأساليب المركبة من خطط مختلفة فاعلية كان ذلك الأسلوب الذي طبقته إيطاليا مع المدرب الكبير
إنزو بيرزوت ، وفازت معه بكأس العالم 1982 .
ابتكر بيرزوت طريقة لعب عرفت باسم المنطقة المختلطة ( zona mista ) : الدفاع كان على الطريقة
الإيطالية ، بمراقبة فردية دقيقة ووجود مدافع حر ، لكنه كان يشارك بناء الهجمات وصنع اللعب ، مثل الكبير
غايتانو شيريا ، وفي الخطوط الأخرى ينتشر اللاعبون في الملعب دون تمركز محدد ، مع تبادل مستمر في المراكز .
وتميزت إيطاليا بالجمع بين الدفاع الثنائي ( رجلاً لرجل ) ودفاع المنطقة ، كما حدث من قبل في الجمع بين
خطتي الطريقة والنظام .
zona mista
أول لقب في الدوري الإيطالي فاز به فريق استخدم خطة المنطقة كان روما عام 1983 بقيادة المدرب
السويدي نيلز ليدهولم ، الذي فاز باللقب نفسه قبل ذلك بأربعة أعوام عندما درب الميلان ، ولم يكن يستخدم
دفاع المنطقة ، حيث كان لديه في الخط الخلفي اللاعب بيت بخصائص المراقب ( المساك ) وفرانكو باريزي
بخصائص الليبرو .
تدريجياً فرض أسلوب دفاع المنطقة نفسه ، لكنه فقد بعض خصائصه الهولندية نتيجة لبعض التعديلات في
قانون التسلل ، حيث صار نصب مصيدة التسلل أصعب وأكثر حساسية ، كذلك تم منع الحارس من مسك
الكرة بيده عندما يمررها له أحد زملائه بالقدم ، وكذلك مع وضع قانون يقضي بطرد أي لاعب يعيق
لاعباً أمامه فرصة واضحة للتسجيل ، هذه التعديلات أجبرت الفرق على التصحيح الشديد في الخط الدفاعي .
التطور الأخير كان بشكل رئيسي في تركيب خط الدفاع ، حيث ظهر الدفاع الخماسي بوجود ثلاثة قلوب دفاع
أحدهم بخصائص الليبرو ، وظهيرين ، وظهر كذلك الدفاع الثلاثي ، حيث ينضم الظهيران إلى خط الوسط
ويعودان إلى الخلف في الحالة الدفاعية .
حالياً أكثر الطرق تطبيقاً هي 4-4-2 التي تضمن أفضل تغطية للمساحات ، و4-3-3 التي تركز على الهجوم
بوجود جناحين ورأس حربة واحد ، و 3-4-1-2 التي تتطلب وجود صانع لعب مهاري جداً وقادر على
الابتكار ويلعب بين خط الوسط وخط الهجوم ، ولديه القدرة على صناعة الفرص للتسجيل .
في الواقع ، الخطة الأفضل لأي فريق هي تلك الخطة التي تتناسب مع خصائص لاعبيه ، ذلك أفضل من إجبار
اللاعب على اللعب في مركز غير مركزه وإعطائه دوراً لا يتناسب مع إمكانياته .
لذلك فإن الخيارات كثيرة جداً ولا نهائية ، وطرق العودة إلى الماضي كثيرة ؛ مثلاً : خطة الدفاع الثلاثي هي
إعادة وتجديد لخطة النظام الإنجليزية التي اخترعها تشابمان .
الثورة التكتيكية الحقيقية حتى الآن هي الثورة الهولندية في بداية السبعينات ، منذ ذلك الوقت لم يوجد سوى
محاولات للصقل والتعديل والتكيف ، ولم يوجد أي اختراع حقيقي ، كرة القدم في الألفية الحالية ما تزال تنتظر
مخترعاً مثل تشابمان أو مثل ميخيلز .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire